لماذا نحلم بأماكن لم نزرها من قبل؟

فبراير ٠٨, ٢٠٢٥

٣ دقائق دقيقة

عرﰊ

لماذا نحلم بأماكن لم نزرها من قبل؟

الأحلام عملية عصبية معقدة، والدخول في أبحاثها كالعالم الغامض، يبدأ بسؤال ويتعبه سؤال ثم سؤال آخر، والإجابات قلما تكون شافية، وواحدة من ظواهر الأحلام التي شغلت عقول الكثيرين هي رؤيتنا لأماكن لم نزرها قط في أحلامنا، وتبدو مألوفة وغريبة في آن واحد، وكأنها تنتمي لعالم آخر لكننا نشعر بانجذاب غريب نحوها، فما السر وراء هذه الظاهرة؟ هل هي مجرد خيال أم تعبير عن شيء أعمق داخل عقولنا؟

ودائمًا ما نسمع أن الأحلام تنتج من الصور والذكريات المحملة داخل العقل الباطن والذي يعتبر كمحرك أساسي للأحلام، فعندما نحلم، يعيد دماغنا ترتيب الذكريات، العواطف، والمعلومات التي جمعناها خلال حياتنا، قد تكون الأماكن التي نحلم بها مزيجًا من مشاهد مخزنة في أذهاننا، سواء شاهدناها في صور، أفلام، أو حتى قرأنا عنها، في فيلم دزني Inside out والذي عرض معقدات عقلية بطريقة كرتونية  مختلفة في جزئين، رأينا كيف تسكن الذكريات العقل الباطن وكيف تُرسم الأحلام فهو يعمل كالفنان حين يدمج العناصر والألوان المألوفة لإنشاء قطعة جديدة.

فمن الممكن أن تحلم بأنك تحاول النجاة بحياتك حين تتسلق قلعة تنهدم بسبب اشتعال النار الخارج من التنين، ربما هذه القلعة مستوحاة من مدينة الملاهي التي زرتها في نهاية الأسبوع وبينما التنين قد يكون مستلهمًا من الشخصيات الكرتونية التي كانت بمدينة الملاهي، دماغك يجمع هذه العناصر ليخلق عالماً يبدو غريبًا ومألوفًا في نفس الوقت.

وفي واقع الأمر أن الأماكن في الأحلام غالبًا ما تكون رمزية وليست حرفية، فقد لا تعبر في كل الأحيان عن الأماكن الغريبة التي تراها عن مواقع حقيقية، بل عن مشاعرك أو تجاربك الداخلية، لذلك قد تكون الأحلام وسيلة للتعبير عن أفكار دفينة أو مشاعر غير واضحة في حياتنا اليومية، وعلى الرغم من أنها تمنحنا فرصة لاستكشاف أنفسنا بطريقة رمزية، وربما هذا ما يجعلها غامضة للغاية، إلا أنه لا ينصح بالنوم بعقل وقلب محملين بقدر من الأفكار والمشاعر المتراكمة التي قد تؤدي إلى تحول أحلامك لكوابيس.

وعلى جانب آخر هناك نظريات تشير إلى أن الأحلام قد تكون أكثر من مجرد نشاط عقلي عشوائي، بعض الباحثين في مجالات الفيزياء يعتقدون أنها قد تتيح لنا لمحة عن عوالم موازية، وفقًا لهذه النظرية، الأماكن التي نحلم بها قد تكون حقيقية في أبعاد أخرى من الواقع، حيث تعيش نسخ مختلفة منا حيوات مختلفة، وبالرغم أن هذه الفكرة تفتقر إلى إثبات علمي، إلا أنها تضيف طابعاً سحرياً للأحلام، وتجعلنا نتساءل عما إذا كان هناك أكثر مما نراه في عالمنا اليومي، أحيانًا الأحلام تكون مجرد انعكاس لقدرة عقولنا على بناء عوالم كاملة بتفاصيل مذهلة دون الحاجة إلى مرجع واقعي، هذا الإبداع هو ما يسمح للفنانين، الكُتاب، وحتى العلماء باستخدام أحلامهم كمصدر للإلهام.

وبذلك رؤية أماكن لم نزرها في الأحلام تظل لغزًا رائعًا يعكس تعقيد عقولنا وقدرتها على تخطي حدود الواقع، سواء كانت هذه الأماكن نتاجًا للعقل الباطن، رموزًا للمشاعر، أو بوابات لعوالم موازية، فإنها تضيف بعدًا جديدًا لفهمنا لأنفسنا وللواقع الذي نعيشه، ربما يكون السؤال الأهم ليس لماذا نحلم بهذه الأماكن! بل كيف يمكننا فهم الرسائل من تلك الأحلام؟

 

تواصل معنا

الرياض - الملقا - وادي هجر

920033804

جميع الحقوق محفوظة لدى لَسِن، ٢٠٢٥ - الرياض