الشاي سيد المجالس السعودية في الليالي الساهرة والصباحات الباكرة وبين مواقيت اليوم، حيث يفرض الشاي حضوره بيننا في كل زمان ومكان وتختلف طريقة إعداده وتقديمه من منطقة إلى أخرى في المملكة، كل منطقة تضفي عليه لمستها الخاصة التي تجعل من نكهته هوية تعبّر عن المكان وكرم أهله، ففي المنطقة الغربية والمدينة المنورة يتم إعداد الشاي عن طريق مزجه مع أوراق النعناع المديني الذي يعطيه نكهة مميزة وأحيانًا يُضاف إليه عشبة الحبق أو الورد وحتى الدوش والقرفة والهيل مما يجعل الشاي مزيجًا غنيًا بالنكهات العطرية، هناك نوع مميز يُطلق عليه "شاي التلقيمة" يتم إعداده في القهاوي الشعبية وغالبًا ما يتم تقديمه في أباريق صغيرة تُعرف بـ"براد أبو أربعة" لأنه في العادة يكفي أربعة فناجين وتتميز هذه الأباريق غالبًا بصناعتها من مادة النحاس أو المعدن، أما في منطقة الشمال يفضلون شرب الشاي الثقيل ذو اللون العاتم والطعم المركز الذي يتميز بقوة نكهته، أما في المنطقة الوسطى يتميز الشاي هناك بالبساطة حيث يُفضل السكان شرب الشاي بدون إضافات أو نكهات ليحظوا بمذاق الشاي النقي والطبيعي، وفي الأحساء شرق المملكة فلا يكاد يمر يوم دون أن يحتسي سكانها استكانة شاي بالنعناع الحساوي الذي يفضله البعض على النعناع المديني، ومن التقاليد المهمة في تقديم الشاي أن الكوب لا يُملأ بالكامل ولا يُترك فارغًا تمامًا وذلك حرصًا على احترام الضيف وعدم التقليل من شأنه إذ يبدأ المضيف بتقديم الشاي من الجهة اليمنى إلى اليسرى تُعبيرًا عن الكرم والأصالة، وتجعل من شرب الشاي لحظة مميزة يتشاركها الجميع مع تطور الزمن لم تعد أدوات الشاي مجرد وسائل عملية لتحضير المشروب بل أصبحت تعكس الحالة الاجتماعية للمضيف، إذ تتنوع أطقم الشاي اليوم بين الأباريق الفخارية الفاخرة والزجاجية الشفافة وكل نوع منها يُخصص لمناسبة معينة ففي الأعياد والاحتفالات تُزين الموائد بأطقم شاي أنيقة، بينما تُستخدم الأدوات البسيطة في التجمعات الأسرية والديوانيات، وحتى أكواب الشاي تطورت فمنها الفخار ومنها الزجاج وأحيانًا المعدن، جميعها تضيف طابعًا خاصًا على تجربة شرب الشاي، ومن بين الأشخاص يوجد من لا يستطيع أن يبدأ يومه دون تناول الشاي، حيث يبدأ البعض يومه بفنجان شاي دافئ ويتكرر الأمر في منتصف اليوم وقبل النوم، حتى يصل الأمر إلى حد الإدمان إذ عند قطعه لفترة بسيطة مثل الصيام في نهار رمضان يشعر الشخص بالصداع الشديد، يذكر أن استهلاك المواطن السعودي للشاي في عام 2024 حصل على المرتبة الثالثة عربيًا، لطالما ارتبط الشاي بتناول المكسرات، التي تحتل المكانة الأولى كأحد أشهر المرافقين/ له، من جهة أخرى، يبقى البسكويت جزءًا من الذكريات مع الشاي، حيث يتسابق الأطفال لتغميس قطع البسكويت في الشاي، وغالبًا ما تنتهي المهمة بغرق القطعة في الكوب، أما اليوم تطورت العادات وأصبح الشاي يُقدم مع الفطائر والموالح أو حتى الحلويات الشرقية والغربية ولم يعد مقتصرًا على شكله التقليدي، اليوم تتوفر أنواع عديدة من الشاي مثل الشاي الأخضر المعروف بفوائده الصحية كالشاي الأزرق وشاي بنكهات الفواكه أما من ناحية الإضافات، فإن الحليب أصبح خيارًا شائعًا لتحضير "شاي الكرك" المحبوب من غالبية الناس، هذا التنوع جعل الشاي ملائمًا لكل الأذواق والمناسبات ويبقى عنصر لا يغيب عن مجالسنا واجتماعاتنا كونه أحد احتياجات في الحياة اليومية.